اعتقلت السلطات التونسية مجموعة من المحجبات، بعضهن كن يقرأن القرآن الكريم، في حملة مداهمات بمنازل، وأخريات بعد أدائهن صلاة الجمعة الماضية في صفاقس العاصمة الاقتصادية للبلد.
وجاءت حملة الاعتقالات بعد 4 أيام من زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتونس؛ وهو ما دفع بعض أهالي المحجبات المتعقلات لوصف الحملة في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" بأنها "بركات" ساركوزي، محملين إياه مسئولية "مصير بناتهم"؛ لإشادته بما اعتبره "تقدما ملحوظا بتونس في مجال الحقوق السياسية والمدنية للأفراد".
وأفادت تقارير عدد من الجمعيات الحقوقية التونسية، ومن بينها الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، بأنه "في الساعة الخامسة ظهرا يوم الجمعة الماضية داهم أفراد الأمن محل سكن السيدة مريم زوجة الطبيب المقيم بمستشفى صفاقس الدكتور غانم بن عز الدين المطيبع، وتم اعتقالها وجميع الفتيات اللاتي كن بالمنزل".
مداهمة منازل
ولفت تقرير المنظمة الذي حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه "أن جميع المعتقلات في منزل السيدة مريم كن بصدد مذاكرة وحفظ القرآن الكريم".
ومن بين المعتقلات: الآنسة حنان شعبان الطالبة بالسنة الأولى آداب لغة فرنسية، والآنسة فنون بكّار طالبة بكلية الآداب بصفاقس، والآنسة إيناس الجلولي طالبة في الإعلامية، والآنسة يسرا القلال طالبة بالمعهد التحضيري، والآنسة سلمى غربال طالبة بكلية الآداب.
ومن المعتقلات أيضا: نبيلة كريد والدة صاحب المنزل والتي جاءت لزيارة ابنها خلال عملية المداهمة، فيما اعتقل الدكتور غانم لاحقا.
وفي نفس اليوم داهمت قوات الشرطة محل إقامة فيروز ذياب وهي طالبة بالسنة الخامسة الثانوية، واعتقلوها بعد تفتيش محل أبويها.
كما اعتقلت قوات أمن في زي مدني عددا من الفتيات في نفس اليوم في الطريق العام أمام مسجد المنار بمدينة صفاقس بعد أدائهن صلاة الجمعة، وتم اقتيادهن لمقر الشرطة بالمدينة.
خروقات بالجملة
وقامت قوات الشرطة -بحسب تقارير المنظمات الحقوقية– بـ"تعطيل أجهزة الهاتف الجوال التابعة للمعتقلات؛ لقطع أي اتصال بهن، وهو ما زاد من قلق أهاليهن الذين أخذوا يبحثون عنهن لدى الأقارب والأصدقاء دون جدوى، ومنهم من لجأ إلى القسم الاستعجالي للمستشفى للسؤال عنهن".
وعبرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين عن عميق خشيتها من "أن تكون هذه الاعتقالات مندرجة فيما يشهده البلد منذ مدة من حملات التضييق على ممارسة الشعائر الدينية والتخويف منها وتعمد اختلاق أحداث لا وجود لها بزعم مكافحة الإرهاب".
وسجلت الجمعية "خروقات قانونية بالجملة خلال مداهمة منازل المعتقلات ومن بينها: عدم إصدار إذن قضائي، وعدم احترام حقوق المواطن، وإيقاف فتيات وربات منازل دون احترام حقهن في إعلام أهاليهن بهذا الإيقاف".
واعتبرت أن "تواصل إيقاف المعتقلات على النحو المذكور يجعلهن عرضة لممارسات التعذيب وسوء المعاملة وغيرها من التصرفات المهينة".
وحملت المنظمة الحقوقية السلطة والأجهزة المعنية المسئولية الكاملة لأي أذى قد يصيب المعتقلات، داعية إلى إطلاق سراحهن فورا، ونبهت السلطةَ إلى "خطورة المنهج الأمني الذي تسلكه في محاربة المحجبات من بنات تونس ونسائها في خرق فاضح للقوانين ومبادئ حقوق الإنسان".
ولا يزال عدد من أهالي المعتقلات مرابطين أمام مقر أمن الدولة في صفاقس حيث تعتقل بناتهم، واللاتي يصل عددهن إلى 8، بحسب رواية الشرطة لوالدة فيروز ذياب.
"رقبة ساركوزي"
وقال أهالي المعتقلات في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "بناتنا ليس لهن أي نشاط سياسي ولسن محل شبهة وكل ما كن يفعلنه هو الحرص على القيام بالواجبات الدينية وتعلم أصول حفظ القرآن".
واعتبروا أن هذه الإيقافات هي من "بركات" زيارة الرئيس الفرنسي لتونس، ونتيجة طبيعية لتصريحاته التى أشاد فيها بما تحققه تونس من تقدم في مجال الحقوق السياسية والمدنية للأفراد، بحسب رأيهم.
وذهب والد إحدى الموقوفات إلى حد القول: "نحمّل السيد ساركوزي المسئولية كاملة عما يمكن أن يلحق بناتنا من أذى؛ لأنه قدم للحكومة التونسية صكا على بياض وأعطاها ضوءا أخضر حتى تزيد من انتهاكاتها لحقوق الإنسان".
وانتقد نشطاء حقوقيون في تونس زيارة ساركوزي بسبب تهوينه من الشكاوى بشأن سجل تونس في مجال حقوق الإنسان، وإشادته بجهودها لمكافحة الإرهاب.
وقال ساركوزي الإثنين 28- 4- 2008 في بداية زيارة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع تونس أحد أبرز حلفاء باريس بالعالم العربي: "إن تونس تحقق تقدما في مجال الحريات الشخصية".
وأضاف أن نظيره التونسي زين العابدين بن علي "يحارب الإرهاب الذي هو العدو الحق للديمقراطية"، واصفا تونس بأنها دعامة في مساعي منع ظهور نظام حكم "مثل طالبان" بشمال إفريقيا.
وقال رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة "الموقف" الناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض: "إن ساركوزي تجاهل موضوع حقوق الإنسان والديمقراطية في تونس ووضع المصلحة الاقتصادية لفرنسا في المقام الأول".
0 تعليقات:
إرسال تعليق